سلط تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية، «فرانس برس»، الضوء على ما ينتظر ليبيا بعد انتخاب مجلس النواب، رئيسا جديدا للحكومة، لتصبح البلاد برئيسي وزراء، لتعود إلى الانقسام من جديد.
وبحسب التقرير، تبرز تساؤلات حول الوجهة التي تسير إليها ليبيا، بعد أن وجدت نفسها، الخميس، مع رئيسين للوزراء، عقب «تصويت مثير للجدل» في مجلس النواب، أدى إلى خلط أوراق السلطة، ويبدو أنه فتح الباب مجددا لإطالة أمد الانتقال السياسي.
ولفت التقرير إلى أن التصويت بدا كأنه «انقلاب مؤسسي من تيار شرق ليبيا» على تيار «غرب البلاد»، عندما عين مجلس النواب في طبرق وزير الداخلية السابق «الشخصية النافذة» فتحي باشاغا، ليحل مكان عبدالحميد الدبيبة كرئيس للحكومة.
فيما عبر الدبيبة في عدة مناسبات عن عدم التنازل عن السلطة إلا لحكومة خرجت من صندوق الانتخابات، فيما يرى «الخصمان السياسيان أنهما يمتلكان شرعية منصب رئيس الوزراء»، وفق الوكالة.
مشهد السلطتين التنفيذيتين يتكرر في ليبيا
ولفت التقرير إلى أن مشهد السلطتين التنفيذيتين يتكرر في ليبيا، بعدما قادها بين عامي 2014 و2016 رئيسا وزراء متنافسان، في الغرب والشرق، في خضم حرب طرابلس.
وقال السفير البريطاني السابق في ليبيا «بيتر ميليت»، في مقابلة مع «فرانس برس»، إن «دافع العديد من النواب هو الحفاظ على مناصبهم وامتيازاتهم، بدلا من السماح بعملية تؤدي بسلاسة إلى الانتخابات».
– الدبيبة يتمسك بموقعه وفق خريطة الطريق المعتمدة من ملتقى الحوار
– الدبيبة: رفضت عرضا من عقيلة صالح للاستمرار في الحكومة مقابل الانسحاب من الانتخابات
– جريدة «الوسط»: حضور عسكري يزيد مخاوف العودة إلى مربع السلاح
– «بوابة الوسط» ترصد تطورات ما بعد اختيار «النواب» باشاغا خلفا للدبيبة
– باشاغا يتسلم قرار تكليفه تشكيل الحكومة الجديدة من مجلس النواب
– باشاغا يصل إلى مطار معيتيقة.. ويؤكد: لا مكان للانتقام ونمد أيدينا للجميع
– باشاغا يكشف سبب قبوله رئاسة الحكومة.. ويعلن «هدفه الأكبر»
ومع ذلك، كان الأمل في التهدئة حقيقيا، ففي نهاية 2020 بعد وقت قصير من «فشل» الهجوم على طرابلس، بعد 15 شهرا من المعارك الضارية، وقع اتفاق لوقف إطلاق النار، تلاه بداية عملية سلام برعاية الأمم المتحدة.
وفي إطار هذه العملية، عُين الدبيبة قبل عام، على رأس حكومة انتقالية جديدة، مهمتها توحيد المؤسسات وقيادة البلاد إلى انتخابات رئاسية وتشريعية، كان مقررا إجراؤها في 24 ديسمبر الماضي.
وبرزت عقبات عدة، بداية من قانون الانتخابات المتنازع عليه، والمرشحين المثيرين للجدل، والتوترات على الأرض، وأدى ذلك إلى خروج العملية الانتقالية، التي كان من المفترض أن تضع حدا للأزمة التي استمرت منذ سقوط معمر القذافي، في العام 2011، عن مسارها بسرعة، ثم أُرجئت الانتخابات إلى أجل غير مسمى، لكن مع ترك فراغ كبير، فالعملية التي ترعاها الأمم المتحدة لم تتوقع سيناريو التأجيل.
وبالنسبة لمجلس النواب، فقد انتهت ولاية عبدالحميد الدبيبة مع تأجيل الانتخابات، فيما يؤكد الأخير أن مهمة حكومته تنتهي فقط بتشكيل حكومة منتخبة جديدة.
«انقسام بين الشعب والنخبة السياسية»
ويؤكد بيتر ميليت، أن هناك حديثا عن انقسام بين الشرق والغرب، «لكن الانقسام الكبير الآن هو بين الشعب الليبي الذي يريد الانتخابات والنخبة السياسية التي لا تريد ذلك (…)، صوت الناس لا يسمع».
وتزداد خيبة الأمل في أن الاقتراع، الذي تم تأجيله إلى أجل غير مسمى، قد أثار حماسة معينة بين العديد من الليبيين، مع نحو 2.5 مليون ناخب مسجل من أصل حوالي سبعة ملايين نسمة، بعد سحب بطاقاتهم الانتخابية قبيل اقتراع 24 ديسمبر.
حالة غموض كبيرة لا تخدم الشعب الليبي
وتابع السفير البريطاني السابق، «يبدو أن قرار حرمان الليبيين من حق التصويت، وإرجاء الانتخابات إلى أبعد من ذلك، يؤدي إلى تفاقم خطر عدم الاستقرار في طرابلس»، فيما يصر ميليت، على أن البلاد تواجه الآن «حالة غموض كبيرة لا تخدم الشعب الليبي»، مشددا على ضرورة مطالبة الأمم المتحدة «بإجراءات شفافة ومقبولة قانونا».
وأشارت الأمم المتحدة، الخميس، من خلال الناطق باسمها ستيفان دوغاريك، إلى استمرارها في دعم رئيس الحكومة الدبيبة، المعين من ملتقى جنيف قبل عام.
ويتمتع فتحي باشاغا، وهو صاحب وزن ثقيل في السياسة المحلية، بدعم البرلمان وكذلك قائد قوات القيادة العامة المشير خليفة حفتر، وهو الرجل القوي في الشرق، وهو الأمر الذي فسره الإعلان السريع لقيادة قوات حفتر، عقب ساعات قليلة من اختيار باشاغا، بتأييده رئيسا للحكومة.
حالة غموض كبيرة لا تخدم الشعب الليبي
وترى الوكالة أن الدبيبة وباشاغا يحظيان بدعم جماعات مسلحة في طرابلس لا تزال مؤثرة للغاية في غرب وأجزاء من وسط البلاد، و«لكنها عادة ما تعرف بتغير ولاءاتها بسرعة».
وقالت العضو السابق في فريق الخبراء الليبي، أماندا كادليك، لوكالة «فرانس برس»، «ما قد يكون خطيرا هو العنف في طرابلس، لأن باشاغا والدبيبة تربطهما علاقات عميقة في غرب ليبيا».
طلقات تحذيرية
وتضيف أن «الميليشيات ستقف إلى جانب من ترى أن لديه السلطة. وإذا لم يكن قادرا على تخصيص مناصب لهم، ودفع رواتبهم وتزويدهم بالسلاح، فلن يكون هناك سبب لدعمهم له».
وقبل ساعات من تصويت مجلس النواب، تعرض موكب الدبيبة إلى إطلاق رصاص في طرابلس، دون وقوع خسائر بشرية، ويتساءل مراقبون عما إذا كانت تلك طلقة تحذيرية.