تراودني طرابلس على روعتها.. مدينة لا تستطيع أن تكون محايدا أمام حضورها الباذخ.
الحياد غير ممكن، أو غير عادل أمام أصوات العصافير، ورائحة الياسمين، وألوان قوس قزح.
طرابلس مدينة تحتاج لأكثر من 28 حرفا، لابتكار أبجدية تليق بها.
طرابلس مدينة تحتاج لأكثر من بيكاسو، لرسم تشكيل يقترب منها.
لهذا فالكتابة عن مدينة لا تشبه إلا نفسها، مخاطرة على الأرجح ليست موفقة، لأنها أبدًا هي أكبر من كل الكلمات.. عصيت عن كل التخيلات.
طرابلس مدينة تمنح عطرها للجميع، وتمنح دفئها للجميع، وتمنح قيلولتها للجميع.
لا تعرف الانتقائية، وليس في قاموسها، أولاد بلد وأولاد غير بلد.
ولكن قدر المدن الرائعة، مثل قدر النساء الجميلات، كثير ما يتعرضن للأذى، وكثيرا ما يتعرضن للبذاءة، فبقدر ما في العالم من فراشات ملونة، وأسماك زينة رشيقة، وأشجار الورود، هناك عقارب، وأشواك، وبقايا زجاج مكسور…
حتى وأن كان من الصعب أن تستقيم طرابلس والوطن أعرج، فمن المستحيل الإطاحة بمدينة لا نملك إلا أن نحبها…
لا مكان للخراتيت، والديناصورات المنقرضة في ابراج الحمام، وحدائق القرنفل.
ستظل طرابلس هي الأجمل، ومهما كان جنون أسماك القرش فليس بوسعها ابتلاع البحر.
———-
إعادة بالمناسبة
مقالة الأستاذ/ عبدالرزاق الداهش