الخاص المقدس والعام المدنس
____
لو قمت باتلاف عمود نور في حديقة عامة ببلد اوروبي سيتطوع كل من في المكان لإبلاغ الشرطة.
أما لو قمت بالعمل نفسه في بلد مثل ليبيا، فستجد من يحطم ما تبقى من أعمدة النور، دون أي اكتراث من أي شخص ثالث.
الفرق بيننا وبينهم في ثقافة المال العام، والممتلكات العامة، فالشعوب المتقدمة، ترى في المال العام كما لو أنه مالهم الخاص، ويرى غيرهم كما لو أنه ملكا لخصومهم.
الصحفي البريطاني روبرت فيسك ، يرى بأن العرب يفقدون الاحساس بملكيتهم للوطن، لهذا يحرصون على أن تكون بيوتهم نظيفة من الداخل. أما شوارعهم فهي متسخة، على اعتقاد بأنهم يملكون منازلهم، ولا يملكون أوطانهم.
وتبعا لهذا الخلط بين الوطن والحكومة، تغلق الشوارع احتجاجا على الحكومة، ويجري تحطيم واجهات المشافي العامة انتقاما من الحكومة، وتتكسر المقاعد المدرسية، وحتى تتعطل الدراسة نكاية بالحكومة.
ولكن الحكومة لا تستعمل الشوارع المغلقة، وقد لا تعالج في المستشفيات، وقد لا تجلس على المقاعد الدراسية.
الأشياء هي ملك لمن يستفيد منها، أو لمن يستعملها على رأي فيسك.
المشكلة حتى الفقه السائد يدعم ثقافة تقديس المال الخاص، دون اعتبار لمنطق أن المال العام هو حاصل جمع المال الخاص.
والحقيقة أنه لا يمكن ان يكون هناك احساس بالوطنية، بدون تعزيز لقيم المواطنة، والتحرر من كراكيب ما بعد الدولة كالقبيلة والعشيرة.
مقال للكاتب الصحفي / عبدالرزاق الداهش بصحيفة الصباح