الصباح /4 أبريل /2019
محمود اليوسفي
كانت الثورة الثقافية تعصب بالصين منذ النصف الثاني من القرن الماضي، عندما قرر المفكر الفرنسي اندريه مالرو( صديق الرئيس الجنرال ديغول ووزير الثقافة في حكومته) أن يقوم بزيادة طويلة الى تلك البلاد التي عانت اكثر من غيرها بالاستعمار والأوبئة والحروب الداخلية ، وما يترتب على تلك الكوارث من تناسل للمصائب.
استمرت جولة الرجل في طول البلاد وعرضها شهرا، اختتمه بلقاء مع الرئيس ماو تسي تونغ عاى مائدة العشاء والحوار .. أنهى المفكر القادم من بلاد الثورة الفرنسية الجلسة الحوارية بسؤال وجهة للرفيق الأحمر : سيدي ماو ..لقد جربنا الثورة ،وجربنا الساسية ، فمتى نجرب الثقافه !؟
قبل ذلك التاريخ بعقدين ونصف تقريبا كان الدوتشي بينيتو موسيليني بقبض على حكم ايطاليا منفردا ،لا يرى أحدا سواه، مسكون بجنون العظمة ولوثه الأرتياب .. وذات نهار ضبحت الأوساط الأديبة في روما انبهارا بولادة روائي شاب فجر بروايته الأولى ما اعتبره النقاد فتحا في اللغة الإيطالية منذ دانتي ، دوفق بالغ الجمال فى السرد الروائي ، تصفيق النقاد والصحف ومحطة الاذاعة أثار غيرة الدكتاتور وحنقه واعز أولا بوقف ذلك التصفيق وطلب ثانيا أن يستقبل الرجل . عرف موسوليني ان البرتو مورافيا قصير القامة ونحيل الجسد فقرر استقباله في مكتبة بقاعة الأعمدة الرومانية ، حيث يشعر من يدخلها بأنه ضئيل وضعيف …
اختار موسوليني وصنع خريطة كبرى للعالم يمتد تحتها افقيا صفان من الأزرار بجوار المكتب الضخم .. اكتفى بتحية الروائي الشاب بايماءة من رأسه ولم يصافحه قبل ان طلب منه الجلوس أمامه .. نهض ممسكا بعصا طويلة ” عصا الدلال طويلة دائما” .. واقترب من الرجل مشيرا بعصاه صوب الأزرار قائلا : تعرف ياسيد مورافيا لو انا ضغطت على هذا الزر تسيطر قواتي الجوية على كامل منطقة البلقان ، اما اذا ضغطت على هذا الزر فسوف تسيطر قواتي على الادرياتي وبحر ايجة ، هذا الزر مخصص لاعادة انتشار قواتي في شرق ليبيا، وهذا لتحرك قواتي للسيطرة على القرن الأفريقي .. صمت الدكتاتور قليلا .. وقبل ان يستأنف عجرفته عاجلة الروائي الشاب قصير القادمة نحيل الجسم البرتو مورافيا :سيدي الدوتشي الا يوجد زر تضغط عليه لنحصل على كوبين من الشاي الساخن …
بعد احتلال التتار لعاصمة الخلافة العباسية جلس الحاكم المنتصر على عرش الخليفة وسط حاشيته وطلب من أحد الشعراء العرب ان يخبره بماذا سيمدحه ، وسأله كم أساوي في رايك؟ فقال الشاعر متحسسا عنقه : خمسة وعشرون دينارا .صرخ الحاكم ، ولكن هذا الرقم يساوي فقط الحزام الذي اتمنطق به … فقال الشاعر .. نعم وهو أثمن ما لديك.
لايهم هنا بماذا در الرفيق الأحمر ماو تسى تونغ على المفكر مالرو، ولا كيف استقبل موسوليني لكمة الرجل النحيل ، ولا ماذا فعل المغولي بالشاعر .. بقدر ما يهما ان نفرك فروة الرأس ونفكر قليلا في الدلالات .