صحيفة الصباح
هل الوطن ملك الحكومة ؟ سؤال لم يطرحه الصحفي البريطاني ، روبرت فيسك ، ولكنه أقترب أكثر من الإجابة عليه .
الرجل يرى بأن العرب يفقدون الإحساس بملكيتهم للوطن ، لهذا يحرصون على أن تكون بيوتهم نظيفة من الداخل، بينما تركوا شوارعهم متسخة على تصور أنهم يملكون منازلهم ، ولا يملكون شوارعهم ، وبشكل أدق أوطانهم.
وتبعا لهذا اللبس بين الوطن والحكومة ، كم من شوارع أغلقت احتجاجا على الحكومة ، وكم من واجهات مشافي عامة تحطمت انتقاما من الحكومة ، وكم من المقاعد المدرسية تحطمت ، نكاية في الحكومة .
وأكثر من هذا اللبس مدفوع الثمن فإنهم يكرهون الوطن فقط ، لكونهم لا يحبون الحكومة .
ولكن الحكومة لا تستعمل الشوارع المغلقة ، ولا تحتكر العلاج في المستشفيات ، ولا تجلس على المقاعد الدراسية ، فالأشياء ملكا لمن يستفيد منها ، أو على رأي فيسك : ملكا لمن يستعملها لا من يديرها.
الخلط ليس فقط بين الحكومة والوطن ، فهناك خلط آخر، بين الحكومة والأجنبي، أو بين الوطن والمحتل وترتيبا على هذا الالتباس المزمن ، فلا قدسية ، ولا حتى إحترام للأملاك العامة ، والمال العام ، وعلى عقيدة دعه يسرق ، دعه يفلت ، وهذا ماعزز الثقافة الغنائمية ، ومنطق ماذا أخد .
اختلاس لساعات العمل ، سرقة للتيار الكهربائي، عدم دفع دمغة تجول المركبات ، تحايل على دفع الضرائب .
هكذا بعد نحو مئة عام من سقوط السلطان عبدالمجيد الثاني مازلنا نتهرب من “الميري” غير الموجود ونستسهل لحكم الحكومة الأكثر طراوة ، ربما قد غاب علينا أنه لحم الوطن .