وضع غسان سلامة كالعادة الكثير من النقاط ، لكنه غفل ، ولعله تغافل أن يضع قبل ذلك الكثير من الحروف .
رئيس البعثة الأممية حاول أن يكون مهنيا في أحاطته ، لكنه كان سياسيا ، في تحوطاته .
السيد سلامة كان حريصا على تسجيل القضايا باسم لامجهول ، ولا معلوم ، وحريصا على استعمال مفردات من نوعية ( قد)، وأشياء أخرى على هذا النحو ،تنتسب لقاموس الدبلوماسية، وليس قاموس الحريق اليومي.
هل ذلك من إملاءات الواقعية السياسية ، وأن السياسة هي فن الواقع ؟
غسان سلامة كان يعول كثيرا على غدامس ، لفهم أن سلام ليبيا لابد أن يكون بتصميم ليبي .
لكن بعد أن ظهر الدخان الأسود في جنوب طرابلس بدل أن يظهر الأبيض في مدنية غدامس ، اكتشف الرجل ، أن قرار السلام يصنع داخل ليبيا، لكن إيقاف الحرب يحتاج إلى قرار من خارج ليبيا .
يعني أن السلام( الليبي – الليبي) يبدأ من محطة غدامس، أما نهاية الحرب ( الليبية – الليبية) ، لن تنتهي إلا في محطة برلين .
بنفس ” ورشيتة ” الصخيرات، وتدوير من هم جزء من المشكلة، ليكونوا جزءا من الحل ، بدأ إعداد طاولة برلين ، لحوار ( غير ليبي- غير ليبي ) .
المشكلة ليست في المخاطرة ، بل في الوقت ، الذي لا يحسب في ليبيا بالساعات ، إنما بالأكفان، وغرز الجرحي .
يظل العالم يعلق عيونه في ليبيا ، لكنه لا ينظر إلى الليبيين، حتي بربع عين ، حتى وإن كانت ” ميركل” تملك أكبر مخزون من الحماس .
قبل أن نقول لغسان سلامة سعيكم مشكور ، نقول له من يحارب مع الجلاد ، لا يكفيه البكاء مع الضحية ، كرشوة لضمير يغط في النوم .