لم يجد اليابانيون مع نهاية الحرب العالمية الثانية بلدهم اليابان، بل وجدوا أرضا محروقة، وبقايا وطن مكسور، وقد عاد عشرات، أو مئات الأعوام للوراء.
كانت هيروشيما بالنسبة لهم، أكبر من قنبلة تدمير شامل على رأس مدينة، لم تعد أكثر من حريق هائل.
ولكن لم يضع اليابانيون أيديهم على رؤوسهم، ولم يدخلوا في وصلة بكاء طويلة، بل وضعوا أيديهم على التعليم، وعلى الصناعة، وعلى إعادة الإعمار، ودخلوا في وصلة عمل سريعة.
الذي يعمل ثماني ساعات بأجرة نصف يوم، يعمل أربع ساعات عمل إضافية وأكثر من أجل اليابان.
والذي يقتضي واجبه البقاء ربع يوم في العمل، يستكمل ثلاثة أرباع اليوم تطوعا، من أجل اليابان.
من أجل اليابان يأخذ الياباني أقل من حقه، ويعطي ضعف واجبه، ولا ينتظر من يقدم له ربع شكر
ومن أجل أن تعود اليابان إلى نفسها، وتتصالح مع عصرها، لابد من استرخاص الغالي من أجل ما هو أغلى.
وهكذا استطاع أبناء مطلع الشمس أن يعيدوا إنتاج أرضهم بأيديهم، وصناعة وطنهم بأصابعهم.
فالياباني يدرك حقيقة أنه لا يوجد وطن واحد في الدنيا تم استيراده، عبر شركة استيراد وتصدير، في صفقة تجارية عادية.
والياباني يدرك حقيقة أنه لا يوجد وطن تم تنفيذه من شركة مقاولات عامة، على طريق تسليم مفتاح.
والوطن في النهاية ليس فقط الذي نموت من أجله، فهو الذي نعيش من أجله أيضا.
لقد عمل اليابانيون أكثر مما ينبغي، ليعوضوا أكثر مما خسروه من وقت، واستطاعوا بالكثير من الجهد، والكثير من الحلم، والكثير من الحب، أن يستعيدوا أنفسهم، ووطنا لا يحق لهم إلا أن يحبوه .