صدمة ثانية موجعة يتلقاها الوسط الفني والثقافي الليبي، اليوم، وفي أقل من أسبوع برحيل المخرج السنمائي، عبدالسلام حسين، بعد يومين من رحيل عازف الكمان الليبي المبدع، عبدالحميد قشوط، كتب عبدالسلام قبل أسبوع “ارجوكم الدعاء والسماح. الم. الم شديد” وحين استشعر قلق أصدقائه، كتب مطمئنا: “انا بخير شكرا لكل الاحبة والاصدقاء”، وبين التدوينتين، كتب “شيئان يحرمانك من النوم الالم والعشق”، وكأنه يقتطع جملة من حوار في سيناريو مختزنا في ذهنه، الذي يموج بالأفكار، وهو صاحب الأفكار والأعمال المميزة، فمن لا يذكر شريط “الوزارة” القصير الذين أبهرنا به، ونال به جائزتين متتاليتين في مهرجاني قليبيا بتونس، والإسماعيلية، للأفلام القصيرة، واكتشفنا من خلاله مخرجا مختلفا، أعماله الأخرى تحمل طابعه أيضا، ومنها حكاية مواطن، والغزاة، والكلاب، وغيرها.. لا أتذكر أنني التقيته ولم تسبق الابتسامة كلامه، حتى ولو كان حديثة لا يخلو من أسى وحزن على حال الفن والثقافة، والسنيما تحديدا في بلادنا، إنه الوحيد تقريبا الذي وإن بدا لك شاكيا، سترى الابتسامة لا تفارقه، حتى صارت علامة دالة في شخصيته، لا يتوقف ذهن الفقيد عبدالسلام عن التفكير، وابتكار الفكرة، وفي آخر لقاء معه أواخر الصيف الماضي عند مقهى الفنانين بطرابلس، لم يتوقف عن الترحيب بي والسلام، قبل أن يأخذ طرف الحديث من جهته، فيطلعني عن حال الفن البائس، ثم يستحضر آخر أفكاره، ويسردها بروح متحمسة، وكأنه يستعد بعد قليل لتنفيذه في مشاهد خبرها وأتقنها، وقد شدتني فكرة عمل جديد، قال إنه استكمل فكرته تماما، عمل اختار له عنوان” الشيخ جيفارة”، وهو عنوان يحمل تناقضه في ذاته، مستنبطا من الحالة العامة التي تعيشها البلاد، وليس من حقي هنا أن أدخل في تفاصيله.. بفقدان المخرج عبدالسلام حسين فقدنا فنانا مبدعا، ظل وفيا لفنه، رغم ريح البلاد التي كانت تأتي عكس ما تشتهيه سفينة فنه.. ألف رحمة على روحه، والعزاء لعائلته وأصدقائه