الصباح 9 رمضان الموافق 14 مايو 2019
المسافة بين رواندا والصومال ليست بعيدة تاريخياً ، ولعلها أكثر قرباً من حيث الجغرافيا ، ولكن هناك ماهو أبعد من التاريخ ، ومن الجغرافيا بالضرورة .
رواندا اليوم تحقق أعلى معدلات النمو ، وزيادة قياسية في دخل الفرد ، واقتصاداً ناجحاً بإمتياز ، واستقراراً سياسياً على أرضية التداول السلمي للسلطة ، والدولة المؤسساتية ، والتنوع الخلاق ، والنجاع .
أما الصومال اليوم ، فهي الأسوأمن حيث معدلات النمو ، وتدني كارثي في دخول الأفراد ، ودولة فاشلة ، بكل المقاييس
بدأت الفوضى في الصومال قبل أن تبدأ الحرب الأهلية في رواندا ، والتي كانت أكثر وحشية ، وأكثر دموية ، وأكثر مأساوية .
تدخل العالم في رواندا بعد صمت كارثي ، وسبات ضميري ، وتخلى عن الصومال بعد أن تخلت الصومال على نفسها .
واليوم نجد أنفسنا كليبيين على مفترق طريق ، فهل سنتوجه إلى رواندا ، أم نواصل السير على الرصيف الصومالي ، مابين عمامة اتحاد المحاكم الإسلامية ، وخوذة محمد فارح عديد ؟
وهل العالم على إستعداد لمساندة ليبيا كي تكون رواندا ، وواحة ديمقراطية ، في صحراء المنطقة ؟
لقد تخلى الروانديون على خطاب الكراهية ، وعلى الروح العدائية كضحايا ، وكجلادين ، وبدؤوا في ترميم وئامهم المجتمعي في صفقة مع التاريخ ، وتحول القتلة ، والمحرضين على القتل إلى أماكنهم في الزنازين ، لتتنفس رواندا الحرية ، ولكن العالم الذي ساعد رواندا على الإنخراط في العصر ، وتسليم كراكيب الماضي لمستودع النسيان ، والتصالح مع المستقبل ، ليس بمقدوره أن يساعد أي بلد لا يريد أن يساعد نفسه .
مشكلة ليبيا في بعض الليبيين ، قبل أن تكون مشكلتها في أطراف غير ليبية ، لم تدخر مالاً، ولا جهداً في تخريب ليبيا .
كيف نريد العالم أن يكون معنا ، ونحن نخذل أنفسنا