لا فرق بين اختطاف طائرة ركاب، وبين قطع امدادات المياه على مدينة.
في الحالة الأولى يتحول الركاب إلى رهائن، وفي الحالة الثانية يتحول السكان إلى رهائن أيضا.
السبب غالبا ما يكون هو حمل الحكومة على القيام بما هو غير مقبول، بطريقة لا يمكن أن تكون مقبولة.
ركاب الطائرة هم خليط لا تجمعهم السياسة، ولا العرق، ولا حتى الدين، ولكن تجمعهم رحلة سفر.
وسكان المدينة هم أيضا خليط، لا تجمعهم قبيلة، ولا حزب سياسي، ولا طائفة دينية، مشتركهم هي مدينتهم.
عملية قطع امدادات المياه على مدينة طرابلس، وتحويل كل سكانها إلى رهائن، وتعريضهم إلى هذا النوع من العقوبات الجماعية، ليس الأولى، ونتمنى أن تكون الأخيرة.
وقطع المياه إذا قلنا أنها عملية إرهابية فهي لا تختلف عن احتجاز الرهائن، إذا قلنا أنها جريمة ضد الإنسانية، فنقدر أن نقول أنها كاملة الأركان أيضا.
والسؤال الذي يمكن أن نقوله في كل مرة: أين لافتة حماية المدنيين، وقرارات الأمم المتحدة بالخصوص؟ وأين ضمير المجتمع الدولي؟
هل سكان طرابلس الذين يشكلون أكثر من ثلث سكان ليبيا غير مدنيين؟ وهل قرابة الخمسين ألف مهجر من المدينة إليها غير مدنيين؟ وهل أطفال طرابلس، ونزلاء دور العجزة في المدينة غير مدنيين؟
ثم هل كل ما ينقص طرابلس في ظروف العدوان، وظروف شهر رمضان، هو قطع المياه على سكانها؟
ماذا لو يملك هؤلاء قطع الهواء، أو حجب الشمس على هذه المدينة الجامعة، والحاضنة، والرائعة؟
ولكن المهم أن هؤلاء ليسوا ليبيا، وليس حتى جنوب ليبيا.