يسعدني ان التقي مع اخوة كرام في شهر كريم مبارك، تتجلى فيه مبادئ الوئام والتكافل والتعاون بين أفراد المجتمع ، ويجسد روح المسؤولية الجماعية .
ومن منطلق المسؤولية التي نشترك فيها جميعا اخاطبكم مؤكدا ان الظروف التي تمر بها بلادنا هي ظروف استثنائية طارئة ، واننا في حكومة الوفاق الوطني نخوض حربا فرضت علينا دفاعا عن أهلنا في عاصمة كل الليبيين ، ومن اجل بناء الدولة المدنية الديموقراطية التي ينشدها شعبنا .
ان هذا الاعتداء الذي فقدنا خلاله أرواح المئات من شبابنا الليبي من الطرفين ليس له مبرر، فقد كنا على أبواب الحل السلمي للازمة التي تعصف ببلادنا منذ سنوات، وجاء العدوان لينسف العملية السياسية من أساسها ، ويغرق البلاد في دوامة من العنف والحرب المدمرة ، مدفوعا برغبات شخصية ونزوات فردية .
الاخوة الأعزاء
لقد سعينا منذ أن تحملنا المسؤولية ، إلى تعزيز الوفاق بين الليبيين جميعا ، التقينا مختلف الأطراف لإنهاء حالة الصراع والانقسام ، ورأب الصدع وتضميد الجراح ، وتأمين سلامة المواطنين ، وابعاد مصدر قوت الليبيين عن الصراع السياسي والتصعيد العسكري .
قدمنا الكثير من التنازلات من اجل الوطن ، وكان هاجسنا الأكبر دائما هو تجنب إراقة الدماء … ولقد توصلنا بعد هذا الجهد الى تفاهمات حول توحيد المؤسسات ، واستبعاد الحل العسكري ، وحسم الصراع السياسي بالاحتكام لصناديق الاقتراع ، وبعد ان لاحت فرصة حقيقية لتحقيق الامن والاستقرار في بلادنا ، نفاجأ بتحركات عسكرية تتجه نحو العاصمة مصحوبة بخطاب تعبوي مقتبس من خطابات الحرب على الكفار والمشركين . وحدث ما نتابعه منذ خمسون يوما هي عمر الاعتداء المستمر على طرابلس .
. ان البعض يحاول تسويق الصراع وكأنه صراع بين الشرق والغرب ، في اثارة للفرقة واشعالا للفتنة ، رغم علمهم يقينا اننا ابعد ما نكون عن الجهوية .
ان الصراع أيها الأخوة هو بين من يريد الدولة المدنية الحديثة ، دولة المؤسسات والقانون ، وبين من يسعى لعسكرة البلاد ، والعودة بنا الى الحكم الشمولي ، حكم الفرد والعائلة…
ما يشغلنا الان هو حماية نسيجنا الاجتماعي الذي يستهدفه دعاة الفتنة من ناقصي العقل وفاقدي الضمير .. اننا نعول عليكم ، وعلى جميع شيوخنا وحكمائنا واهلنا في شرق البلاد وغربها وجنوبها ، في مدنها وقبائلها وعائلاتها ، في التصدي لهذه المحاولات ، ليظل نسيجنا الاجتماعي كما نعرفه ، متداخلا ، متماسكا ،مترابطا بتقاليده وعاداته وقيمه الأصيلة .
القضية خطيرة تتعلق بوحدة الوطن ، ولا يجب ان يترك لمغامر مهما كان ان يحدث شرخا في هذا النسيج ، لنقف صفا واحدا أيها الاخوة ضد من يحاولون التفريق بين ابناء الشعب الواحد .
ان الطموح السياسي حق مشروع لا غبارعليه ، لكن هناك وسائل متحضرة لتحقيقه ، تكمن في الانتخابات ، ليقول الشعب كلمته ، ويختار بحرية من يتولى مسؤولية الحكم .
الاخوة الأعزاء
اوجه من خلالكم نداء لإخوتنا واهلنا في شرق البلاد ، في برقة التاريخ والجهاد والاصالة ، برقة العلوم والثقافة وأقول : حان الوقت لان يرتفع صوت العقل والحكمة ، وان تبعدوا ابناءكم عن هذه الحرب ، فدماء جميع الليبيين عزيزة علينا .. الجميع اخوة في الله والوطن … انها حرب يقودها فرد من أجل السلطة ، وقودها ابنائكم وابنائنا ، ان المعارك التي تنتظر شبابنا ويجب ان نستعد لها هي معارك البناء والتعمير ، لا معارك الدمار والتدمير … ما زال هناك فرصة لوقف نزيف الدم ، وجلوس الليبيين جميعا للحوار مستفيدين من هذه التجربة المريرة وما افرزته من معطيات جديدة ..
ان ارادة الشعب الليبي هي من سينتصر ، هكذا يقول التاريخ ، وسيعمل شعبنا في وقت قريب بإذن الله على إرساء دعائم دولته ، والتي لن تحكم الا عبر صندوق الاقتراع .
اشكركم على الحضور وتحمل مشاق السفر ، آملا ان يكون لقاءنا القادم في طرابلس ،عاصمتكم ، عاصمة كل الليبيين .
وفقنا الله جميعا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته