لم تقل تيريزا رئيسة الحكومة البريطانية، أنها مبعوثة العناية الإلهية، لتحرير بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
قالت أنا آسفة، ووضعت أغراضها في حقائبها، قبل تضع استقالتها في بريد مجلس العموم البريطاني.
كان بإمكان تريزا أن تأخذ عام أخر، أو عامين، أو أكثر في عشرة دونينيج استريت، ولكنها فضلت الرحيل، بمنطق رحم الله امرئ عرف قدر نفسه.
رئيسة وزراء بريطانيا ليست فاشلة، ولكنها لم تنجح، وهي تعرف أن السلطة كفاءة وليست مكافأة.
والسبب نفسه الذي جعل كمرون يغادر رئاسة الحكومة، دفع تيريزا للرحيل حتى وأن كان الأمر معكوسا من الناحية الشكلية.
رأى كمرون، أنه لا يصلح لمرحلة ما بعد انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، والرجل المناسب، ليس فقط في المكان المناسب، بل في الزمن المناسب أيضا.
ورأت تريزا أنها لم تعد تصلح لأن تكون رئيسة وزراء، في دولة اتاحت الفرص، فمن لا يستطيع إدارة ترتيبات الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، يستطيع الانفصال على السلطة.
الحاكم في العالم الغربي الأكثر مدنية، وديمقراطية، هو مجرد موظف في الدولة، يعني أن الدولة ليست موظفة له. أما مقياس الجدرة فهو يعتمد على ما تحقق من التزامات، وتعهدات.
تيريزا التي لم تقدر على حبس دموعها، كانت أكثر شجاعة للإعلان عن عدم مقدرتها على تمرير جدول أعمالها في الخروج عن اوروبا.
لا الرجل الضرورة، ولا المنقذ، الذي يقتل الناس بمرر حمايتهم، ولا كل المفردات التي تنتسب، للقرن السابع عشر.
تيريزا مثل كل مسؤول في دولة متقدمة، يعرف أنه هو من يحتاج إلى الوطن، وليس الوطن من يحتاج إليه.