منذ أعوام كنّا نخاف من صوملة ليبيا، وكانت الصومال بالنسبة لنا هي الموت المجاني، والخراب المجاني، والجنرال عبث.
منذ أعوام كنا نطمئن أنفسنا، ونقول: مادامت مقاديشو لم تحذر رعاياها من السفر إلى ليبيا، فمازلنا بخير.
كان من حقنا أن نخشى المآل الصومالي، ومن حقنا أن نضع أيدينا على قلوبنا خوفا من البركة الصومالية، ومن الطبيعي أن نصاب بفوبيا الصومال.
فأكثر من ثلثي اطفال الصومال خارج اسوار المدارس، رغم أنهم في سن الدراسة، وأكثر من ثمانية أعشار الصوماليين تحت خط الفقر، ونصف الباقي فقراء.
وغير مثلث الفقر والمرض، والأمية، هو الموت المنتشر في كل مكان، وحمامات الدم التي يمكن أن تصادفها مع كل منعطف طريق أو منعطف حريق.
ولكن صومال الموت المجاني والخراب المجاني، والعبث بلا مقابل، يمكن أن تخاف الحالة الليبية، وقد تظهر علينا الحكومة الصومالية ذات مفارقة، وتدعو رعاياها لتجنب السفر إلى ليبيا.
اليوم نتكلم عن صومال بنسبة نمو تتخطى الأربعة ونصف بالمئة.
واليوم نتكلم عن صومال ينمو بناتجه محلي يصل سبعة مليارات دولار.
واليوم نتكلم عن صومال بمعدل التضخم لا يتجاوز الواحد بالمئة.
المعني أننا غدا سنتكلم على أحد النمور الأفريقية.
قد تكون الأرقام محبطة، ولكنها في حقيقة الأمر تدعو إلى التفاؤل، فالصومال تعود بعد حرب اهلية أحرقت الأخضر ولم تترك اليابس، وروندا المذابح الكبرى، وأعظم فضاعات القرن، رجعت، وهي الأن تحقق أعلى معدل نمو في القارة.
ولكن الأوطان تعود بالتسامح، بالنسيان الرحيم، بالتنازل من أجل الوطن، وليس بصناعة الحروب، والأحزان وتدوير البؤس.
سيذهب الجنرال حرب، ويأتي وطن الحب.