السياسة ، هي فن الممكن ، ونستطيع أن نقول أنها فن إدارة المصالح ، أو فن تقييد القوة ، أو أي تعريب آخر، ولكنها بالمطلق ليست فن الخيال ، ولا حتى إدارة الانفعالات ، أو إدارة ردات الفعل .
حكومة الوفاق تملك الإعتراف الدولي ، تملك أيضا إدارة الجزء الأكبر من المال العام ، غير أنها لا تملك عصاة موسى .
يعني لو أن دولة الوفاق تدير دولة موحدة ، متماسكة ، ومؤثر ، لكان يمكن لها أن تقول للأعور أعور في عينيه ، وكان بوسعها استدعاء أخد السفراء للتشاور، أو سحب سفير آخر، وحتى قطع العلاقات .
فبقدر وحدة الدولة ، وبقدر معدل تماسكها ، وبقدر كفاءاتها في مناولة الملفات ، تستطيع أن تمد قدميها .
نحن ليس لدينا دولة بالمعنى الحرفي ، ولكن نحاول أن نؤسس لدولة ، نريدها مدينة ، وديمقراطية ، ومؤسساتية ، تتعزز فيها قيم المواطنة ، ولكن ليس هذا هو المشروع الوحيد على الساحة ، ومعسكر الدولة المدنية ليس المعسكر أو الخيار الوحيد ، وهذا جذر المشكلة .
معارك التأسيس ، وتأثيث المستقبل صعبة ، ومكلفة ، ومزعجة ، وخاصة عندما لا يكون الوطن هو بوصلة الجميع .
نحتاج الى صبر، ونختاج إلى فهم أعمق لوقع شديد التعقيد ، ونحتاج إلى تعقل ، في ظل حالة دولية متبدلة ، ومتحولة ، في ظل مساحة مناورة ليست كبيرة ، وأمام مجتمع دولي بات يستعجل النتائج .
لهذا فنصف عدوا أفضل من عدو كامل ، والأفضل أن لا يكون عدوا وهذا أضعف الإيمان.
ونصف صديق أفضل من بلد محايد ، والأفضل أن يكون صديقا كاملا .
نحن لسنا أمام طرف ليبي يخالفنا ، بل في مواجه طرف غير ليبي أيضا ويختلف علينا .
محور السياسة الخارجية الآن هو أسخن المحاور.