بعد أكثر من أربعة أشهر حرب على طرابلس، هل قتل امريكيا واحدا، أو روسيا واحدا ، أو فرنسيا واحدا ، أو حتى نرويجيا واحدا ، في هذه الحرب غير الواجبة ، غير النظيفة؟
أمامنا أزيد من مئتي قتيل بعد الألف، والمقتول ليبي ، والقاتل ليبيا ، والضحية في النهاية هي ليبيا.
أمامنا ستة آلاف جريح ، ومئة ألف نازح ، وما بين خمسة إلى عشرة آلاف بيت لم تعد بيوتا.
العالم الذي يمكن أن ينشغل بقطة علقت بين جدران بنايتين ، لا يهمه أن يعلق شعب كامل ،تحت جدران الشراهة الفردية للسلطة .
عزاء يتحول إلى أربعين عزاء ، بعد قصف المعزين ، ثم قصف المسعفين ، وكثر خيرها بعثة جنزور إذا أعلنت أسفها على الحادث ، وسجلت القضية ضد مجهول ، أو حتى مخبول .
مايحدث في ليبيا هو قتال حقيقي ، بالذخائر الحية ، وليست لعبة فيديو جيم ، أو لعبة بوبجي .
كما أن الذين يموتون في ليبيا هم بشر حقيقيون ، وليسوا كائنات افتراضية ، أو كاميرا خفية للتسلية.
اعتبرونا مجانين ، إذا لم تعتبرون ضحية حالة جنون ، اعتبرونا بشر.
حرب تأكل كل يوم بشر ، ودماء ، وأموال، ولا نسمع إلا إرشادات على أهمية العودة لطاولة الحوار ، والانخراط في الحل السياسي ، وباقي الكليشيهات القديمة الجديدة.
كم يحتاج هذا العالم من أرواح الليبين ، ودماء الليبين ، كي يتصالح مع ضميره؟
صحيح العالم مصالح ، والسياسة فن إدارة هذه المصالح ، ولكن هناك حالة إنسانية، هناك مسؤولية أخلاقية، هناك تفاصيل مأسوية.
ولكن قبل أن نعلق كارثتنا على رقبة العالم ، لماذا لا نتذكر أنفسنا، فهل نريد أن يكون غيرنا ليبيا أكثر منّا .