هل يمكن أن يكون فصل التعليم العام عن العالي جزء من الحل، وهل كان التوحيد هو المشكلة، أو جزء منها؟
وهل وزير التعليم الجزء الآخر من المشكلة، أم أن المنظومة التعليمية معطوبة، وللوزير على الأقل أجر تحريك بعض الراكد منها؟
ثم هل مشكلة المعلم فقط مرتبه المتقشف، أم أن هناك ما يقال عن معدل أدائه المتدني؟
وإذا سلمنا بأن توحيد التعليم، والأجر الزهيد للمعلم، ووزير التعليم، بشكلون مثلث الأزمة، فهل ستكون المحصلة مختلفة، بعد إعادة هيكلة التعليم، وتحريك المرتبات بالزيادة، واستقالة الوزير؟
يعني هل سيكون لنا تعليم بجودة عالية، و بنسبة جدارة مرتفعة، يحقق أهدافه في صناعة الرأسمال البشري، وبناء القدرات؟
ألم يكون من الأفضل فصل التعليم التقني والفني، عن التعليم العام والعالي، ليس لكون العالم يتجه إلى هذ التعليم، ولكن لأننا محتاجين إلى مخرجاته؟
في العالم مدخلات التعليم تضبط وفقا لطلب سوق العمل، أما لدينا فسوق العمل هو من يكيف نفسه حسب مخرجات التعليم، وهذا لا يحدث إلا في دولة ريعية، يمكن أن يكون سوق العمل فيها، مؤسسة للعاطلين عن العمل.
نحن محتاجين إلى توجيه ثلاثة أرباع مخرجات التعليم الأساسي، والثانوي إلى التعليم التقني، الذي يحتاج هو الأخر إلى تطوير، وإلى تحسين سمعة، وإلى تصميم منظومة حوافز.
مشكلة التعليم بنيوية، قبل أن تكون هيكلية، وتتعلق بخيارات، ومشروع وطني، قبل الكلام عن اختيار إدارات.
كيف يكون لدينا معلم على كفاءة عالية، يربي شغف المعرفة لدى الطالب، ويرفع نسبة فضوله المعرفي، ويحسن من تحصيله العلمي، ويكسبه المهارات، وإلخ؟
كيف تكون لدينا بيئة تعليم صحية، ليست طاردة للمعلم، والطالب في آن وخاصة في هذا الظرف؟
كيف يكون لدينا منهج غير تلقيني، يصنع الإنسان القدر على التجاوز، والتخيل، وينتج الكوادر، بدل تفريخ الأميين مهنيا؟
وكيف نضبط مدخلات التعليم، ونرتقي بجودته، من أجل مخرجات تقدم قيمة مضافة للاقتصاد الوطني؟
هذه الأسئلة وغيرها تحتاج إلى مجلس أعلى للتعليم يتشكل من كل المركبات الصناعية، والزراعية، وقطاع الخدمات العامة، دون أن نتجاهل قطاع رجال الأعمال.
التعليم أكبر من أن يوضع في ذمة وزير، أو وزارة، فهو ملف وطني، يتعلق بوطن، وأمن قومي، ورؤية شاملة.
لا يمكن أن يكون متوسط عدد الطلاب في الفصل الواحد، بالتعليم الأساسي يتجاوز الثلاثين، بينما على الورق، هناك معلم لأقل من أربعة طلاب، وهو رقم لا يتوفر لا في سنغافورة، ولا فلندا.
لا يمكن أن تنفق الحكومة ربع ميزانيتها على التعليم، والمدارس تفتقر حتى للوحات الكتابة الصالحة، ودورات المياه الصحية، وضعف مرتب المعلم.
لا يمكن أن ننتظر تعليم ذات جودة، بمنهج يعاني من ازدوج الهوية، ووعاء زمني ضيق سواء من عدد أيام التمدرس أو ساعات الدراسة اليومية، ومعلم لا يملك الحد الأدنى من الكفاءة.
لا يمكن أن نتطلع لتعليم ذات جدوى، ومازالت جامعاته تخرج الآلاف في طب الاسنان والصيدلة، وآلاف أخرى من الزائدين عن سوق العمل.
لابد من إيقاف حالة التدهور، وحالة الهدر، والالتهابات الحادة لا تعالج بالتخدير الموضعي.