صحيفة الصباح
قطاع واسع من الناس سوف يجيبون بالنفي، فالصورة النمطية التي تشكلت في أذهاننا ، هي أن ليبيا ليست دولة مؤسسة، ولا حتي قانون .
في الواقع ليبيا دولة مؤسسات ، ودولة قانون ، وأي كلام يخالف هذه الحقيقة هو كلام سياسي ، أو صورة نمطية تكونت في الوعي الجمعية ، بسبب ضخ إعلامي متكرر .
مشكلتنا ليست غياب المؤسسة، وإنما عدم وجود الذهنية المؤسساتية ، التي تدير المؤسسات .
مصرف ليبيا المركزي مؤسسة، عمرها يتخطي الستين عاما ، ومؤسسة النفط يلامس ذلك ، وكذلك مؤسسة الحكومة، وزد على ذلك السجل المدني ومصلحة التسجيل العقاري وغيره .
كما أن أغلب القوانين تم سنها في خمسينيات القرن الماضي، سواء طالها التعديل أو لم يطلها .
مشكلة هذه الذهنية لا تتعامل مع وزارة الصحة مثلا كقطاع بل كإقطاعية ، وهكذا ولهذا سنجد شركة الحاج سعيد رغم أنها شركة حكومية، ومصلحة الحاج مسعود ، وجهاز الحاج عمر .
هذه الذهنية تغلب الولاء على العطاء ، وتتعامل مع الوظائف كمكافآت وليس كمكفاءات ، وبالتالي تنتج بيئة أكثر قابلية للفساد .
وهذه الذهنية لا تتعامل مع الماضي بمنطق التراكم ، لأنها تتعامل مع الماضي بمنطق القطيعة ، وكأن التاريخ يبدأ مع بداية كل مدير جديد.
لا يمكن أن نبني دولة بدون ذهنية مؤسستي، حتى لو استعرنا أفضل منظومة، من أكثر المؤسسات نجاحا في العالم ، سرعان ما نخربها .
وقبل ذلك هناك ستون رداحا سوف ينفخ رؤوسنا بذريعة( الخصوصية الليبية )، ونحن ( طبعا ) لاتنقصنا البراعه في تصميم العراقيل.
لايمكن أن نبني دولة بدون تعزيز قيم المواطنة ، كبديل لقيم القبيلة ، والعشيرة، والمنطقة ، وباقي قاموس الرداءة .