لو أننا قبل الحرب على طرابلس قدمنا فاتورتها العالية المدفوعة من دم الليبيين ومن لحمهم ألحي قرابة العشرة أشهر معارك فهل سنجد عاقلا واحدا حتى وإن (لفينا) العالم كله، يمكن أن يوافق على هذه الكارثة؟
نتكلم اليوم عن كذا ألف قتيل، وعن نحو سبعة آلاف جريح وعن قرابة 150 ألف نازح، وعن عشرة آلاف منزل لم تعد صالحة للسكن .
ونتكلم اليوم عن بنية تحتية جرى تخريبها، وعن وئام مجتمعي جرى تمزيقه، وعن جسور تهدمت قبل أن تستكمل.
نحن نتكلم عن فاتورة مفتوحة لمزيد من الموت والحرائق ودموع الأمهات الحارة حد الوجع.
فحتى لو كانت هذه الحرب واجبة كما يقول مدع أو ضرورية كما يصور آخر فهي خاسره حتى بحجم الضحايا وبحجم الفاقد من الإمكانيات، والممتلكات، وبحجم الوقت الضائع .
فمن وضع حسابا لهذا الفائض من الدم الليبي المهدور ومن الامكانيات الليبية المهدورة، ومن الوقت الليبي الضائع؟
ومن وضع حسابا لكل هؤلاء الضحايا، ولكل هذا الفاقد، ولكل هذا التشظى، وهذه المأساة الحقيقية، التي لم تر ليبيا لها مثيلا منذ الغزو الايطالي عام 1911.
نحن الآن امام حقيقة واحدة وهي موت الآلاف من الليبيين، وجرح الآلاف، وتشريد عشرات الآلاف، فمن يتحمل المسؤولية؟
من يملك شجاعة الاعتراف، أمام حقيقة الموت، وحقيقة المأساة؟
وزيرة دفاع هولندا، قالت أنا المسؤولة، وانسحبت من الحياة السياسية، لأن جنديين هولنديين ماتا في صحراء مالي يتبعان القبعات الزرق، بسبب قذيفة هاون غير صالحة.
الاعتراف بخطأ أكثر شجاعة من مئة حرب، سيموت فيه اخرون.
حياة إنسان أغلى من كل التيجان .